نهر العلا الذي لم يتوقف منذ آلاف السنين وصور ساحرة تنشر لأول مرة

نهر العلا الذي لم يتوقف منذ آلاف السنين وصور ساحرة تنشر لأول مرة
  • آخر تحديث

في قلب الطبيعة الصافية لقرية "شلال" الواقعة غرب محافظة العلا في المملكة العربية السعودية، تتلألأ "عين شلال" بمياهها الرقراقة التي لم يتوقف جريانها منذ مئات السنين.

نهر العلا الذي لم يتوقف منذ آلاف السنين وصور ساحرة تنشر لأول مرة 

هذه العين الطبيعية لا تعد مجرد مصدر للماء، بل تجسد في تدفقها المستمر روح الحياة، حيث بقيت على مر الأزمان شريان حيوي يسقي المزارع، ويغذي المراعي، ويبعث الأمل في نفوس سكان القرية الذين ارتبطت حياتهم بها جيل بعد جيل.

مورد مائي متجدد

تحتفظ "عين شلال" بمكانتها كمورد مائي ثابت ساهم على مدار العصور في استدامة النشاط الزراعي والرعوي في المنطقة.

فقد كانت مصدر أساسي لسقيا المحاصيل والمواشي، ومصدر أمن مائي لسكان القرية، الذين اعتمدوا عليها في مختلف أوجه معيشتهم، مستمدين منها الحياة في فصول القحط والخصب على حد سواء.

وبفضل هذا العطاء المستمر، تحولت العين إلى رمز للاستقرار البيئي والاجتماعي، وعنوان لقدرة الموارد الطبيعية على البقاء في وجه التحديات البيئية وتغيرات المناخ.

مزارع النخيل وأشجار الثمار

تحيط بـ"عين شلال" مساحات شاسعة من المزارع التي تفيض بالخضرة، مزروعة بأشجار النخيل، والتين، والرمان، وغيرها من الأشجار المثمرة، في مشهد يعكس مدى التصاق الإنسان بالماء وارتباطه بالأرض.

وعلى الرغم من التطور الكبير في تقنيات الري الحديثة، لا يزال سكان قرية شلال يفضلون الطرق التقليدية التي ورثوها عن أجدادهم، مؤمنين بحكمتها ودقتها، خاصة في ما يتعلق بتوزيع المياه عبر الأفلاج والسواقي، وتقنية الساعات المائية التي تنظم عملية تقاسم المياه بين المزارعين بشكل عادل ودقيق.

نظام تقليدي متوارث

يرى أبناء القرية في نظام الأفلاج والسواقي والساعات المائية أكثر من مجرد وسائل ري.

فكما يروي عبدالرحمن البلوي، أحد سكان قرية شلال، فإن تعلم إدارة المياه وتوزيعها يبدأ منذ الطفولة، حيث يتربى الصغار على قيم العدالة والدقة والتعاون من خلال هذا النظام.

ويضيف البلوي أن هذه الوسائل القديمة هي في حقيقتها أسلوب حياة متكامل، ترسخ قيم الاحترام والتفاهم بين أفراد المجتمع، وتربطهم جميعا بنعمة الماء بروابط لا تنفصم، فتتحول المياه إلى عنصر وحدة وتآلف، لا مجرد مورد مادي.

التراث المائي

ما يميز "عين شلال" ليس فقط فيضها المستمر بالمياه، بل كونها مركز حي لذاكرة تراثية واجتماعية غنية.

فإدارة المياه عبر الأساليب التقليدية تعكس حكمة الأجداد في التعامل مع موارد الطبيعة، وتظهر كيف أن الماء كان ولا يزال جزء من نسيج الحياة اليومية، يدار بروح جماعية، تقوم على التشارك والمسؤولية.

منبع لا ينضب وقصة لا تنتهي

تظل "عين شلال" شاهد حي على استمرارية العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وعلى قدرة المجتمع على الحفاظ على إرثه البيئي والاجتماعي.

إنها ليست مجرد عين ماء، بل رمز للحياة المتدفقة، وقصة تراثية ترويها الأرض، وتحفظها ذاكرة سكان العلا، وتعلمها الأجيال القادمة بكل فخر واعتزاز.