قرارات من الموارد البشرية تحظر العمل في مهنة يعمل فيها مئات آلاف الوافدين والمقيمين في السعودية

قرارات من الموارد البشرية تحظر العمل في مهنة يعمل فيها مئات آلاف الوافدين والمقيمين
  • آخر تحديث

في خطوة تعد من أبرز التحولات التنظيمية في قطاع النقل بالمملكة العربية السعودية، أعلنت الهيئة العامة للنقل عن بدء تنفيذ قرار منع الشاحنات الأجنبية من ممارسة نشاط نقل البضائع داخل المملكة اعتبارا من تاريخ 28 يوليو 2025.

قرارات من الموارد البشرية تحظر العمل في مهنة يعمل فيها مئات آلاف الوافدين والمقيمين 

هذه الخطوة لم تأتي وليدة اللحظة، بل تجسد توجه استراتيجي يستهدف ضبط السوق، وتحسين البيئة التنافسية، وتعزيز سلامة الطرق، إلى جانب حماية الناقل الوطني من الممارسات غير العادلة.

لماذا كان لا بد من هذا القرار؟

لطالما شهد السوق المحلي حالة من الفوضى غير المنظمة، حيث سمح لعدد كبير من الشاحنات الأجنبية بالعمل بحرية داخل المملكة، من دون أن تخضع للأنظمة والاشتراطات التي تُلزم بها الشاحنات الوطنية.

هذه الشاحنات كانت تمارس نشاط النقل الداخلي بحرية، دون دفع التكاليف النظامية أو الالتزام بالتأمينات والشروط البيئية والمحلية، مما سبب حالة من عدم التوازن التنافسي، وأدى إلى إرهاق الناقل السعودي.

وبناءً على ذلك، جاء القرار كضرورة لا تقبل التأجيل، وليس كمجاملة لأي طرف، بل كخطوة إصلاحية تضع حد لهذا الانفلات وتعيد للسوق توازنه وهيبته.

وثيقة النقل

بموجب التنظيم الجديد، لن تتمكن أي شاحنة أجنبية من دخول أو عبور الأراضي السعودية إلا في حال حيازتها لوثيقة نقل رسمية يتم إصدارها من خلال بوابة نقل الإلكترونية، وتعرف هذه الوثيقة باسم "توثيق الحمولة"، وتتضمن ما يلي:

  • بيانات المرسل والمستلم.
  • تفاصيل دقيقة عن الشحنة.
  • جدول المنقولات وخط السير.
  • معلومات الشاحنة والسائق.
  • اسم الناقل المسؤول عن العملية كاملة.

هذه الوثيقة هي خطوة نحو رفع مستوى الشفافية، والحد من التحايل، وضمان سلامة النقل داخل أراضي المملكة.

متى يسمح للشاحنات الأجنبية بالنقل داخل المملكة؟

القرار لا يعني إغلاق الأبواب بالكامل أمام الشاحنات الأجنبية، بل يتم تنظيم عملياتها ضمن حدود واضحة:

  • يمكنها نقل البضائع من بلد المنشأ إلى أول مدينة سعودية مستقبِلة فقط.
  • يسمح لها بنقل البضائع في طريق العودة إلى بلدها، أو إلى مدن على نفس المسار.
  • أي نشاط نقل يتجاوز هذه الحدود يتطلب تصريح خاص من الهيئة العامة للنقل.

تنسيق مؤسسي دقيق لتنفيذ القرار

من أجل ضمان التطبيق السلس لهذا القرار، تعمل الهيئة العامة للنقل بتنسيق عالي المستوى مع عدة جهات حكومية، منها:

هذا التنسيق المتكامل يضمن ألا يترك أي مجال للثغرات أو التحايل.

توثيق الحمولة

توثيق الحمولة ليس مجرد مستند ورقي، بل هو نظام رقمي متكامل يعمل على:

  • تحديد نوع ومحتوى الحمولة بدقة.
  • متابعة مسار الرحلة لحظة بلحظة.
  • التأكد من مطابقة الشاحنة للمعايير الفنية.
  • التحقق من صلاحية التأمين وسجل السائق المروري.

هذه الخدمة تمثل تحول رقمي حقيقي يساهم في رفع كفاءة قطاع النقل، ويمنع الانتهاكات النظامية.

دعم النقل الوطني هدف استراتيجي لا يقبل التهاون

القرار الجديد يعكس توجه استراتيجي يدعم تمكين الناقل المحلي الذي ظل يعاني من منافسة غير عادلة لسنوات.

من خلال ضبط السوق وتطبيق اشتراطات موحدة، ستتراجع المنافسة غير المشروعة، وسيحظى الناقل السعودي بفرصة حقيقية للنمو والتوسع ضمن بيئة منظمة ومنصفة.

القرار جزء من رؤية المملكة 2030ي

من المهم أن يفهم هذا القرار ضمن سياقه الأكبر، إذ يعتبر خطوة تنفيذية ضمن الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية التي تهدف إلى:

  • تحويل المملكة إلى نموذج عالمي متقدم في النقل.
  • جعل السعودية مركز لوجستي يربط ثلاث قارات.
  • استقطاب استثمارات ضخمة في البنية التحتية.
  • بناء قطاع نقل رقمي، مرن، وآمن.

لكي تنجح هذه الرؤية، لابد أن تضبط البيئة المحلية أولا عبر تنظيم سوق النقل الداخلي، وهو ما بدأ فعليا مع هذا القرار.

ماذا يجب على الشركات والمستوردين فعله الآن؟

لكي لا يتعرض التجار والمستوردون لأي عقوبات أو تعطيلات في سلاسل التوريد، يجب عليهم الالتزام بالتالي:

  • التوقف الفوري عن التعاقد مع أي ناقل غير سعودي لنقل البضائع داخل المملكة.
  • التحقق من ترخيص الناقل المحلي عبر الهيئة العامة للنقل.
  • طلب نسخة من وثيقة النقل دائما قبل تحميل الشحنة.
  • تسجيل كافة عمليات النقل إلكترونيا عبر بوابة "نقل".

هذا الالتزام لا يضمن فقط الامتثال النظامي، بل يحافظ على استمرارية الأعمال وسلامة النقل.

قرار تنظيم النقل الداخلي بداية لمرحلة أكثر احترافية

ما يحدث اليوم هو إصلاح جذري طال انتظاره في قطاع عانى كثير من الفوضى والمنافسة غير العادلة.

ومع دخول القرار حيز التنفيذ، سيبدأ عصر جديد من الانضباط، وسيفتح المجال أمام الناقل السعودي ليؤدي دوره بكفاءة ويسهم بفعالية في تحقيق أهداف رؤية 2030.