السعودية تقر نظام جديد للرقابة على أداء القضاة في ديوان المظالم

السعودية تقر نظام جديد للرقابة على أداء القضاة في ديوان المظالم
  • آخر تحديث

أعلن ديوان المظالم في المملكة العربية السعودية عن بدء تطبيق آلية تنظيمية جديدة تهدف إلى تطوير أداء القضاة وتحسين جودة العمل في المحاكم الإدارية، وذلك من خلال اعتماد تقييم سنوي شامل للقضاة، إلى جانب عمليات تفتيش مؤسسية ميدانية ومنهجية تغطي جميع الدوائر القضائية في مختلف مناطق المملكة.

السعودية تقر نظام جديد للرقابة على أداء القضاة في ديوان المظالم 

وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود ديوان المظالم المستمرة لتحقيق العدالة بأعلى درجات الكفاءة والحوكمة، وبما يعكس تطور الجهاز القضائي الإداري وتماشيه مع أهداف رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تطوير المنظومة العدلية وتعزيز الأداء المؤسسي على مستوى الدولة.

نظام تقييم سنوي متكامل لأداء القضاة

بموجب الآلية الجديدة، سيخضع القضاة إلى تقييم شامل سنوي يعتمد فيه على عدد من المعايير النوعية التي تركز على:

  • جودة الأحكام الصادرة ومدى التزامها بالضوابط النظامية.
  • سرعة إنجاز القضايا دون الإخلال بالإجراءات.
  • الانضباط المهني داخل قاعة المحكمة.
  • مدى الالتزام بالتعليمات القضائية المنظمة.
  • سلوك القاضي ومستوى تفاعله مع أطراف الدعوى.

ولا يقتصر التقييم على مؤشرات ورقية أو نماذج تقليدية كما كان يعمل به سابقا، بل أصبح الآن مرتبط بنتائج واقعية وممارسات فعلية داخل المحاكم، ما يعد تحول جوهري في آليات التفتيش القضائي.

فرق تفتيش مؤهلة وحيادية

لتنفيذ هذه الآلية بدقة وحياد، قام ديوان المظالم بتشكيل فرق تفتيش مهنية متخصصة، تضم نخبة من القضاة ذوي الخبرة الطويلة، إلى جانب خبراء قانونيين مؤهلين في مجالات التحكيم والرقابة الإدارية، ما يضمن شفافية التقييم وبعده عن الأهواء الشخصية أو التقديرات غير الموضوعية.

ويتم إجراء هذه التفتيشات إما في توقيتات مجدولة مسبقا أو بشكل مفاجئ، لضمان مراقبة الأداء القضائي في الظروف الحقيقية والطبيعية داخل المحكمة.

تغذية راجعة تعزز التطوير المهني وتحفز على الإنجاز المؤسسي

أكد ديوان المظالم أن هدف التقييم لا يقتصر على المساءلة، بل يتضمن كذلك تقديم تغذية راجعة واضحة وشاملة لكل قاضٍ، بحيث تبرز نقاط القوة والتميز، وتوضح مجالات التحسين والتطوير المهني، مما يعزز ثقافة الأداء المؤسسي البناء.

وتسهم هذه الخطوة في رفع مستوى الإنجاز الفردي والمؤسسي، وتحفيز القضاة على تطوير أدواتهم المهنية والمعرفية، إلى جانب ترسيخ روح المسؤولية والالتزام بمعايير الجودة القضائية.

أثر مباشر على المتقاضين

تعد هذه المبادرة عامل مهم في تعزيز ثقة المتقاضين بالمحاكم الإدارية، كونها تمثل تأكيد واضح على وجود رقابة فعلية ومستمرة على سير العدالة، وحرصا على أن تكون الأحكام القضائية صادرة عن منظومة خاضعة لمعايير الجودة والانضباط المؤسسي.

فوجود جهة رقابية عليا تتابع أداء القضاة بصورة منتظمة يسهم في الحد من التباين في الأحكام ويحقق مزيد من الاتساق والتوحد الإجرائي داخل المحاكم.

تحول رقمي داعم

ضمن سعيه لتحديث أدواته، يعمل ديوان المظالم أيضا على تطوير منصات إلكترونية متخصصة لرصد وتحليل مؤشرات الأداء القضائي، تتيح متابعة دقيقة وتفاعلية لنتائج التقييم السنوي، مما يساعد في اتخاذ قرارات مبنية على بيانات حقيقية عوضا عن الاعتماد على التقديرات الشخصية.

وتوفر هذه الأنظمة الذكية لوحدات التفتيش القضائي إمكانية الوصول إلى إحصاءات لحظية ومعلومات متكاملة حول سير العمل، ما يمكن من إصدار تقارير تحليلية شاملة تعرض مباشرة على رئيس الديوان، تتضمن توصيات موضوعية ومقترحات تطويرية تستند إلى الواقع العملي.

التقييم كمحفز للتفوق لا أداة للمحاسبة فقط

أكد ديوان المظالم أن النظام الجديد لا يستهدف المحاسبة فقط، بل يقوم على مبدأ التحفيز وتكريم الكفاءات، من خلال اعتماد آليات موضوعية لتقدير أداء القضاة المتميزين، وتحفيزهم بمكافآت معنوية ومهنية تليق بجهودهم، وهو ما يسهم في خلق بيئة قضائية تنافسية صحية تُشجع على الإبداع والإتقان.

خطوة إصلاحية ضمن استراتيجية التحول القضائي لرؤية 2030

تمثل هذه المبادرة إحدى الركائز الأساسية ضمن استراتيجية التحول القضائي التي يقودها ديوان المظالم، والمتوافقة مع رؤية المملكة 2030، والتي تولي أهمية كبرى لـ:

  • تطوير المرافق العدلية.
  • رفع كفاءة المؤسسات القضائية.
  • تحقيق الشفافية وتعزيز الثقة المجتمعية بالقضاء.

ويعمل ديوان المظالم، من خلال هذه الآلية، على بناء منظومة عدلية حديثة تتبنى المعايير الدولية وتستجيب لطموحات المتقاضين والمجتمع على حد سواء.

نحو مرحلة جديدة من النضج المؤسسي والعدالة الفاعلة

يرى مراقبون ومختصون في الشأن القضائي أن ما يقوم به ديوان المظالم حاليا يمثل نقلة نوعية في حوكمة القضاء الإداري بالمملكة، حيث لم تعد الرقابة والتقييم حبيسة النماذج المكتبية، بل أصبحت أداة فاعلة لتطوير الأداء، وضمان اتساق الأحكام، وتعزيز الثقة بمرفق العدالة.

ويؤكد ديوان المظالم أن هذا النهج الإصلاحي طويل الأمد سيقود إلى قضاء إداري أكثر احترافية ومهنية واستقلالية، قادر على تلبية تطلعات المواطنين والمقيمين، وتحقيق أعلى معايير العدالة المستدامة والجودة المؤسسية.