هذا ما يعنيه قرار إلغاء الصادرات التعليمية في الرياض والصلاحيات التي ستنتقل لمدراء المدارس

هذا ما يعنيه قرار إلغاء الصادرات التعليمية في الرياض
  • آخر تحديث

في سياق التحديث الجذري الذي تقوده المملكة العربية السعودية لتطوير مختلف القطاعات الحيوية، اتخذت وزارة التعليم قرار مصيري طال انتظاره، يتمثل في إلغاء جميع إدارات التعليم في منطقة الرياض، وذلك تماشي مع رؤية المملكة الطموحة 2030، التي تسعى إلى بناء نموذج تعليمي حديث، يمكن المدرسة من أداء أدوارها القيادية، ويعيد رسم خارطة التعليم لتكون أكثر مرونة، كفاءة، وتفاعل مع احتياجات المستقبل.

هذا ما يعنيه قرار إلغاء الصادرات التعليمية في الرياض

جاء القرار بإلغاء إدارات التعليم في منطقة الرياض على يد مدير التعليم بالمنطقة، الدكتور نايف الزارع، ليس كمجرد إجراء إداري، بل كجزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى إعادة هيكلة النظام التعليمي، وجعل المدرسة هي المحور الحقيقي في المنظومة التعليمية، بوصفها البيئة الفاعلة التي تُنتج المعرفة وتنمّي المواهب وتشكل الشخصية الوطنية.

هذا التحول المؤسسي يمثل تحرك مدروس نحو إعادة توزيع الأدوار والصلاحيات، ليكون التركيز الأساسي على المدرسة، باعتبارها الخلية التعليمية الأولى والأكثر تأثير في تكوين الطالب.

الدعم الوزاري الكامل

وزارة التعليم، بقيادة معالي الوزير يوسف البنيان، أبدت دعم استثنائي لهذا المشروع الإصلاحي، من خلال إشراف مباشر وخطط متكاملة تضم قيادات التعليم من مختلف مناطق المملكة.

وتؤمن الوزارة بأن تمكين المدرسة لا يمكن أن يتحقق إلا عبر توازن دقيق بين منحها الاستقلالية من جهة، وتوفير الدعم والتوجيه المؤسسي من جهة أخرى.

وتعد هذه الخطوة جزء من منظومة تطويرية تنطلق من مبادئ الحوكمة الحديثة، وتعتمد على دمج المرونة في اتخاذ القرار على مستوى المدرسة، مع المساءلة المبنية على النتائج التعليمية الفعلية.

مسارات تنفيذية واضحة

اعتمدت وزارة التعليم إطار مؤسسي واضح لتنفيذ مشروع التحول، ووضعت خطة زمنية بدأت بالفعل في الأول من يناير 2025، وتشمل أربع مراحل رئيسية تنفذ على مستوى جميع إدارات ومكاتب التعليم في المملكة.

وقد سبقت هذه المراحل فترة إعداد شاملة استمرت 70 يوم، تم خلالها تجهيز الأنظمة وبناء الأسس التقنية والتنظيمية التي تمكن من التحول السلس، وتهدف هذه الخطة إلى:

  • إلغاء إدارات التعليم الـ31 في المحافظات.
  • إعادة توزيع المهام على 138 مكتب تعليم.
  • تقليص عدد الإدارات العامة إلى 16 فقط.
  • تعزيز استقلالية المدرسة في إدارة شؤونها التربوية والتعليمية.

فرق دعم تربوي على مستوى المدرسة

ضمن الهيكل الجديد، تم استحداث وحدات دعم تربوي تضم ما بين 300 إلى 330 فريق إشرافي، يتكون كل فريق من نحو 30 مشرف تربوي، موزعين على وحدات إشرافية تتواجد في قلب المدرسة وضمن بيئتها التعليمية.

وتعمل هذه الفرق على توفير دعم مباشر، وتفعيل المتابعة الفعلية للعملية التعليمية، مما يعزز جودة التدريس، والانضباط، وتحقيق الأهداف التربوية.

خطط تنفيذية مرنة تتكيف مع طبيعة كل إدارة ومكتب تعليم

طلبت الوزارة من إدارات التعليم السابقة وضع خطط تنفيذية محلية، تتناسب مع واقعها الإداري، وعدد المدارس، والمراحل التعليمية التابعة لها.

كما تم تحديد الأدوار والمسؤوليات بدقة لكل جهة، مما يعزز مبدأ الشفافية والحوكمة الرشيدة.

ويعد هذا التوجه دليل على رغبة الوزارة في تحويل كل مدرسة إلى وحدة تشغيلية مستقلة تمتلك الصلاحيات والموارد اللازمة، مع ضمان أن تبقى خاضعة للمساءلة ومقاييس الأداء.

المدرسة أولا

في صميم هذا المشروع التربوي الوطني، يبرز إيمان وزارة التعليم الراسخ بأن المدرسة هي القلب النابض للنظام التعليمي، وأن تمكينها هو الخطوة الأساسية نحو تحقيق مخرجات تعليمية ذات جودة عالية، وتهدف الوزارة من خلال هذه الخطوة إلى:

  • تطوير المهارات القيادية للكوادر المدرسية.
  • خلق بيئة تعليمية جاذبة ومحفزة للإبداع والتعلم.
  • تعزيز الشراكة بين المدرسة وأولياء الأمور.
  • تحقيق كفاءة إنفاق وتشغيل عبر تقليص البيروقراطية.
  • توجيه الموارد المالية والبشرية مباشرة إلى الميدان التربوي.

نحو نموذج عالمي في التعليم

ترى وزارة التعليم أن ما تسعى إليه ليس مجرد تطوير داخلي، بل نقلة نوعية تضع المدرسة السعودية في موقع الريادة العالمية، من خلال مخرجات تعليمية تنافسية، ونماذج تشغيلية مبتكرة، وكفاءات وطنية مؤهلة وممكنة.

وتسعى الوزارة من خلال هذا التحول التاريخي إلى بناء جيل يمتلك أدوات المعرفة، وروح المبادرة، والقدرة على التفاعل مع المستقبل، وتحقيق طموحات وطن وضع الاستثمار في الإنسان في مقدمة أولوياته.

من المركزية إلى التمكين التعليم السعودي يرسم ملامح المستقبل

في خطوة تعكس النضج المؤسسي والرؤية الثاقبة، تتجه وزارة التعليم نحو تفكيك البنية المركزية التقليدية لصالح بنية مرنة، قائمة على التمكين والمسؤولية.

فقرار إلغاء إدارات التعليم في الرياض، وغيره من المناطق، ليس نهاية مسار إداري، بل بداية مرحلة جديدة من التعليم التفاعلي المتطور، الذي يضع المدرسة والمعلم والطالب في قلب العملية التعليمية.