السعودية تعلن عن تعديلات في ديوان المظالم تسرع اجراءات التقاضي وتختصر مدة صدور الاحكام لهذه الأنواع من القضايا

السعودية تعلن عن تعديلات في ديوان المظالم تسرع اجراءات التقاضي
  • آخر تحديث

في خطوة تعكس تطور نوعي في مسار العدالة الإدارية بالمملكة العربية السعودية، أعلن رسميا عن صدور قرار قضائي جديد يعنى بتنظيم آليات التقاضي في القضايا المرتبطة بتطبيق أوامر الطوارئ.

السعودية تعلن عن تعديلات في ديوان المظالم تسرع اجراءات التقاضي

وقد تم نشر تفاصيل القرار في الجريدة الرسمية "أم القرى"، تحت رقم (19/1446/حادي عشر) بتاريخ 29 ذو الحجة 1446هـ، في سياق دعم الكفاءة القضائية وتحقيق السرعة المطلوبة في معالجة الملفات ذات الطابع العاجل.

ويستند هذا القرار إلى نظام الطوارئ الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/89) بتاريخ 17 ربيع الآخر 1446هـ، ليشكل بذلك خطوة عملية نحو تعزيز الاستجابة القضائية في الظروف الاستثنائية، مع الحفاظ على التوازن الدقيق بين حماية الحقوق وضمان فاعلية الإجراءات.

ضوابط صارمة ومواعيد دقيقة لتحقيق الفاعلية القضائية

أبرز ما تضمنته القواعد الجديدة هو التركيز على تقليص المدد الزمنية وتحديد ضوابط واضحة للإجراءات القضائية.

فقد نص صراحة على أن مهلة استيفاء النواقص، وفقا للمادة السادسة من نظام المرافعات أمام ديوان المظالم، لن تتجاوز يومين فقط من تاريخ إشعار مقدم الطلب.

وهذا التحديد الزمني يعد من أبرز ملامح تسريع التقاضي، حيث يقيد الطلب رسميا من تاريخ استيفاء النواقص وليس من تاريخ تقديم الطلب الأول، في خطوة تهدف إلى توحيد معيار احتساب الزمن القانوني وتحقيق العدالة في احتساب المدد.

الإحالة المباشرة إلى الدائرة القضائية دون تأجيل

فور اكتمال قيد الدعوى، تحال القضية مباشرة إلى الدائرة القضائية المختصة دون أي تأخير، ما يعزز ديناميكية التحرك السريع في القضايا العاجلة، ويقلل من فرص التراكم أو التأجيل الذي قد يؤثر سلب على سير العدالة.

كما يلزم القرار الجهات القضائية بألا تتجاوز الفترة بين إخطار المدعي وتحديد الجلسة الأولى خمسة أيام فقط، في توجه واضح لتقليص الفجوة الزمنية بين رفع الدعوى وبدء النظر فيها فعليا.

إمكانية الفصل من الجلسة الأولى

تشمل القواعد الجديدة إمكانية البت في القضية من الجلسة الأولى إن رأت المحكمة ذلك مناسب، مع التأكيد على أن الفصل يجب أن يتم في جميع الأحوال خلال فترة لا تتعدى خمسة عشر يوم من تاريخ القيد الرسمي للدعوى.

ويمثل هذا المدى الزمني القصير تطور كبير في أساليب التقاضي، حيث تعالج القضايا ذات الطبيعة العاجلة بإجراءات سريعة وحاسمة، دون الإخلال بضمانات العدالة.

تسليم الحكم خلال 24 ساعة فقط

في سابقة قضائية تنظيمية تعكس التزام متزايد بالشفافية وسرعة التواصل القانوني، أقر القرار بوجوب تسليم نسخة الحكم خلال أربع وعشرين ساعة فقط من النطق به، ما يتيح للأطراف التحرك قانوني فورا، سواء بطلب التنفيذ أو تقديم اعتراض.

ويأتي هذا الإجراء انسجام مع روح العدالة الناجزة، ويدعم مبدأ الوضوح القضائي وتكافؤ الفرص بين الأطراف المتقاضين.

خمسة أيام فقط للاعتراض

أما بشأن الاعتراضات سواء كانت استئناف أو نقض، فقد حدد القرار مهلة قصيرة لا تتجاوز خمسة أيام من تاريخ تسلم الحكم لتقديم الاعتراض، وهي مدة تعكس طبيعة هذه القضايا التي لا تحتمل التأجيل.

ويجب أن يتم البت في هذه الاعتراضات خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام من تاريخ إحالتها للجهة المختصة، ما يجعل الفصل في النزاع بكامل مراحله يتم خلال أسابيع معدودة، دون التورط في بيروقراطية الإجراءات المعتادة.

خطوة تعكس التوازن بين المرونة والصرامة الإجرائية

تدل هذه القواعد الجديدة على توجه مؤسسات الدولة إلى إرساء معايير مبتكرة في الحوكمة القضائية، خصوصا في ظل حالات الطوارئ.

حيث يتم التعامل مع القضايا وفق نسق سريع وفعال، لكن دون التفريط في دقة الإجراءات أو المساس بحقوق الأطراف.

وتؤسس هذه المنظومة لعدالة تتسم بالمرونة والانضباط، وتراعي الظروف الاستثنائية دون أن تخل بمرتكزات النظام القضائي الراسخ في المملكة.

تطوير مستمر ضمن رؤية إصلاحية شاملة

يأتي هذا القرار في سياق تحديثات متسارعة تشهدها الأنظمة القضائية السعودية، وذلك ضمن رؤية تنموية شاملة تستهدف بناء بيئة عدالة متقدمة، وتوفير تجربة تقاضي أكثر كفاءة وعدل للمواطنين والمقيمين على حد سواء.

ويعد قرار مجلس القضاء الإداري دليل واضح على مرونة ديوان المظالم، وقدرته على مواكبة التحولات الإدارية والتحديات الطارئة، بما يعزز من مكانته كمؤسسة متطورة ومؤثرة في القضاء الإداري.

تعزيز الثقة وتحقيق الانصاف في الظروف الاستثنائية

من المؤمل أن تسهم هذه القواعد في الحد من التظلمات الناجمة عن القرارات الإدارية التي تصدر في أوقات الطوارئ، حيث تم تحديد إطار زمني واضح يسمح للمتضررين بتقديم اعتراضاتهم دون تأخير، وفي نفس الوقت يضمن سرعة البت والرد.

وينتظر أن تشهد المرحلة القادمة تدريب مكثف للقضاة والموظفين الإداريين على آليات تنفيذ هذه القواعد، بما يضمن التطبيق السليم والفعال للقرار، ويحقق الأهداف المرسومة منه بدقة.

الشفافية في النشر وتعميم الفهم القانوني

نشر القرار في الجريدة الرسمية "أم القرى" يأتي تأكيد على الالتزام بمبادئ الشفافية والمكاشفة، حيث تُتاح المعلومات القانونية المعتمدة للجميع، بما يعزز من الوعي القانوني ويكرّس مبدأ تكافؤ الفرص في الاطلاع والمعرفة.

مسار قضائي جديد يستجيب للواقع ويضمن العدالة

تمثل هذه القواعد القضائية الجديدة نقلة نوعية في مسيرة العدالة بالمملكة، حيث يتم تنظيم التعامل مع قضايا الطوارئ ضمن إطار زمني واضح، وإجراءات مرنة لكنها منضبطة، تراعي خصوصية الموقف دون التفريط في الحقوق أو القيم القضائية.

إنها خطوة ترسخ لمفهوم العدالة الناجزة، وتعكس رؤية المملكة في بناء منظومة قضائية أكثر فاعلية واستجابة، بما يتماشى مع تطلعات المجتمع وتحديات المرحلة.