السعودية تعلن مراجعة شاملة قد توقف العمل في أهم مشاريعها في نيوم

السعودية تعلن مراجعة شاملة قد توقف العمل في أهم مشاريعها في نيوم
  • آخر تحديث

في خطوة تعكس حرص المملكة العربية السعودية على إدارة مواردها بكفاءة واستدامة، كشفت مصادر مطلعة لوكالة "بلومبيرغ" أن الجهات المسؤولة في المملكة، عبر ذراع استثماري تابع لصندوق الاستثمارات العامة، طلبت من عدد من الشركات الاستشارية العالمية إجراء مراجعة استراتيجية شاملة لمشروع "ذا لاين"، أحد أبرز المشاريع الطموحة في إطار رؤية المملكة 2030.

السعودية تعلن مراجعة شاملة قد توقف العمل في أهم مشاريعها في نيوم 

يأتي هذا التوجه في وقتٍ تعمل فيه المملكة على إعادة تقييم أولويات الإنفاق التنموي، خاصة في ظل التحديات المالية الناتجة عن تقلبات أسعار النفط العالمية، حيث تسعى الحكومة إلى مواءمة المشاريع العملاقة مع السياسات الاقتصادية المستجدة والموارد المتاحة.

مشروع "ذا لاين"

يمثل "ذا لاين" حجر الأساس في مشروع نيوم العملاق، إذ يخطط له أن يكون سلسلة متكاملة من المجتمعات العمرانية الذكية والمتصلة، تمتد على طول 170 كيلومتر، وتدار بالكامل بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي، دون الحاجة إلى المركبات التقليدية أو أي انبعاثات كربونية، ما يجعله نموذج عالمي للمدن المستقبلية المستدامة.

ووفق التصور العام للمشروع، ستكون "ذا لاين" مدينة عمودية مبتكرة تجمع بين مفاهيم التكنولوجيا البيئية والمعمارية، حيث يدمج التصميم بين الحفاظ على الطبيعة وتحقيق رفاهية الإنسان، مع تأكيد على الاستغناء الكامل عن السيارات والطرق المعبدة.

طلب مراجعة الخطط الحالية وتقديم بدائل تطويرية مرنة

بحسب ما نقلته "بلومبيرغ"، فإن المراجعة الاستراتيجية التي طلبت من الشركات الاستشارية تشمل تقييم شامل للجدوى الفنية والاقتصادية والتشغيلية للمشروع، إلى جانب تقديم مقترحات بشأن:

  • إعادة هيكلة مراحل التنفيذ بما يتناسب مع الأولويات الوطنية.
  • تقديم تصورات بديلة في حال تباطؤ بعض الجوانب المالية أو اللوجستية.
  • تقييم التأثير البيئي والفني للمراحل الجارية من الإنشاءات.

ويأتي هذا التوجه في إطار حرص المملكة على ضمان واقعية ومرونة تنفيذ المشاريع العملاقة، بعيد عن التسرع، وبما يحقق أهدافها الاقتصادية والبيئية على المدى الطويل.

تصريحات رسمية تؤكد استمرار الإنفاق مع مراجعة الأولويات

وفي هذا السياق، صرح وزير المالية السعودي، الأستاذ محمد الجدعان، في وقت سابق، بأن الحكومة ملتزمة بالحفاظ على وتيرة الإنفاق الحالية رغم تسجيل عجز في الميزانية، مشير في الوقت ذاته إلى أن المشاريع التنموية تخضع لمراجعة دورية دقيقة لضمان كفاءتها واستدامتها.

وأضاف الوزير أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تنفيذ رؤيتها الطموحة، لكنها لا تغفل عن مراجعة الأوضاع الاقتصادية وتقييم أولوية المشاريع حسب الحاجة والظروف، وذلك بما يضمن استمرارية النمو الاقتصادي دون الإضرار بالاستقرار المالي.

تقدم ملموس في المرحلة الأولى من "ذا لاين"

ورغم التوجه نحو المراجعة، أكدت بيانات رسمية صادرة عن إدارة مشروع نيوم أن العمل جاري على قدم وساق في تنفيذ المرحلة الأولى من المخطط الرئيسي لمدينة ذا لاين، حيث يتواصل الحفر والبناء بوتيرة عالية.

وقد أشارت التقارير إلى:

  • وجود أكثر من 260 آلة حفر تعمل على مدار الساعة في مواقع المشروع المختلفة.
  • مشاركة أكثر من ألفي مركبة نقل ثقيل في عملية نقل ما يزيد عن 3 ملايين متر مكعب من التربة.
  • بدء تجهيز البنية التحتية الأساسية التي ستمهد لإنشاء المناطق السكنية والمرافق الخدمية المستقبلية.

وهذا يدل على أن المشروع لا يزال في طور التقدم، وإن كانت المراجعة جزء من العملية التخطيطية الشاملة التي تضمن توافق المخرجات مع التطلعات الواقعية والموارد الحالية.

"ذا لاين" بين الطموح والتقييم

يعد "ذا لاين" أكثر من مجرد مشروع عمراني؛ إنه رؤية متكاملة لأسلوب حياة جديد قائم على الاستدامة، والتكنولوجيا، وكفاءة استخدام الموارد.

وقد أطلق هذا المشروع ليكون بمثابة تحول جذري في طريقة تصميم المدن، حيث يتخلص من المفاهيم التقليدية للمواصلات والبنية الأفقية، ويقدم نموذج عمودي مبتكر.

إلا أن تنفيذ هذا النوع من المشاريع الطموحة يتطلب مرونة وتقييم مستمر، لتجنب الهدر في الموارد وضمان قابلية الاستمرار والتنفيذ الواقعي، خاصة مع التغيرات الاقتصادية الدولية.

المراجعة خطوة ناضجة في مسيرة مشاريع نيوم

إن الطلب على مراجعة خطط "ذا لاين" لا يعني التراجع عن المشروع، بل يعكس نضج في التخطيط التنموي السعودي، ورغبة صادقة في تقديم نموذج متوازن يجمع بين الطموح والواقعية.

ويظهر هذا التوجه كيف تتعامل المملكة مع مشاريعها الكبرى كمنظومات ديناميكية قابلة للتطوير والتحسين، وليست مجرد مخططات ثابتة.

ومع استمرار العمل الميداني والتقييم الاستراتيجي، تبقى "ذا لاين" أحد أقوى رموز التحول الحضري المستقبلي في المملكة والعالم، في انتظار أن تتحقق رؤيته بشكل يلائم الطموحات الوطنية ويخدم الأجيال القادمة.